الطالبة التي قُتلت في ملعب ترينيتي: حادثة منسية من حرب الاستقلال
في الثالث من يونيو 1921، أثناء مباراة كريكيت في مباني كلية ترينيتي دبلن، أُطلقت عدة رصاصات من خارج الملعب. بين المشاهدين كانت كاثلين ألاكسندرسون، طالبة في كلية الآداب، التي أصيبت في الصدر وأعلنت وفاةها عند وصولها إلى المستشفى. الحادثة شكلت صدمة للجامعة لكنها ظلّت غير معروفة على نطاق واسع إلا داخل سجلات الأرشيف.
وقائع إطلاق النار وردود الفعل
وقع إطلاق النار حوالى الساعة الخامسة وعشرين دقيقة مساءً. بحسب شهود، لاحظ شريك حياتها المستقبلي، جورج هربرت أرديل، تقيؤ الدم على قميصها بعد سماعه لصوت تأوه خفيف. عند فتح معطفها ومفاجئته بالدم، اكتشف جرحاً في الجانب الأيمن من الصدر.
«فتحت المعطف فرأيت دماء على مقدمة بلوزتها، فتفتحت البلوزة ورأيت الجرح» — وصف لشريكها لحظة اكتشاف الإصابة.
حاول بعض الحاضرين، بمن فيهم ثلاثة أشخاص قدموا أنفسهم كأطباء، إسعافها وتم استدعاء سيارة إسعاف. أحدهم قال إن حالتها ميؤوس منها، ومع ذلك نُقلت إلى مستشفى سير باتريك دون حيث أعلنت وفاتها عند وصولها.
لاحقاً واصلت المباراة اللعب لحوالى خمس عشرة دقيقة قبل أن يأمر مدير الكلية بوقفها وإلغائها.
تصريحات من سجلات الحركة المسلحة والتحقيق العسكري
في شهادات لاحقة للأرشيف، روى فرد من الجيش الجمهوري الأيرلندي أنه هو وزميله أطلقا النار على الجمهور من خلف سور الكلية بهدف «إيقاف إقامة المباراة» لأنها كانت خيرية شملت عناصر عسكرية بريطانية. وفقاً لأحد الشهود العيان، بعد أول طلقتين قفزت متفرِّجة فَقُتلت بطلق طائش. لم يذكر المروي اسم الضحية في شهادته.
في تلك الفترة كانت إجراءات التحقيق المدني الطبيعية معطلة، فعمِل بدلاً عنها ما سُمّي «محاكمة عسكرية تحقيقية». انعقدت جلسة تحقيق في مستشفى سير باتريك بعد ثلاثة أيام من الوفاة.
جلسة التحقيق وشهادات الشهود
شهد في التحقيق كلٌّ من خطيبها، الطبيب الذي أعلن الوفاة، رجل من شرطة الريجزنت، وكبير موظفي الكلية. وصف الأخير مشاهدة شابة ملقاة على الأرض بعد إطلاق النار، وقال: «نظرت إليها وقلت لا، إنها ميتة». كما لاحظ شخصين يسيران باتجاه المكان الذي أُطلقت منه النار، لكنه لم يُزجِ بهما بأي تفاصيل إضافية أمام القضاة العسكريين.
في حكمهم خلص القضاة العسكريون إلى أن الوفاة ناجمة عن نزف وصدمة سبّبها رصاصة، وأنها أسفرت عن قتل عمد من قِبَل «شخص أو أشخاص مجهولين». لم تُوجه أي تهم لأحد على خلفية الحادث.
العائلة والتعويض
بعد ثلاث سنوات من الحادث طلب والد الضحية، القس إرنست ألاكسندرسون رايت، تعويضاً لتغطية نفقات الجنازة وبعض مصاريف التعليم. كانت تكاليف نقل الجثمان وبناء مراسم الدفن في لندن مرتفعة بالنسبة إلى دخله السنوي، فطالَبَ بتعويضات تُساعد في استدراك جزء من النفقات.
سجلت فاتورة الجنازة ما يزيد قليلاً على 131 جنيهاً، في حين كان دخل الأب السنوي حوالي 370 جنيهاً. أُقر تعويض قدره 200 جنيه وفق ترتيب تقاسم بين الحكومتين حين لم يكن واضحاً من يتحمل المسؤولية، ما بدا وكأنه تعويض عن استثمار تعليمي لم يتحقق بسبب الموت.
خلفية الضحية والحياة الجامعية للنساء
كانت كاثلين طالبة في كلية الآداب وكانت تقيم في سكن الطالبات «ترينيتي هولز» في ميلتاون، بعيداً عدة كيلومترات عن حرم الجامعة. دخول النساء إلى ترينيتي آنذاك لم يتجاوز نسبة ضئيلة من مجموع الطلبة، وكانت القواعد تفرض تقييدات صارمة على اختلاط الجنسين وأوضاع الإقامة.
أسرة الضحية لها ارتباطات جامعية متداخلة؛ لكن من المرجح أن كاثلين كانت أوّل امرأة في العائلة تلتحق بالجامعة. في المقابل، كان في الأسرة من يعارض منح المرأة حقوقاً سياسية وتعليمية كاملة، وهو ما يضيف بعداً اجتماعياً لحلمها ورغبتها في الاعتماد على نفسها مادياً.
ما تبعه من حياة ومَرَاسِم الذاكرة
أحد الذين رووا ما جرى وصل لاحقاً إلى منزات رسمية وحصل على مناصب ومدفوعات تقاعدية. في وصف لاحق لأيامه في الحركة المسلحة اعتبرها «أزمنة حية ومفعمة»، وتوفي في خمسينيات القرن الماضي بعد حياة عامة، دون أن يُذكر في سجلاته حادث إطلاق النار ذاك بالاسم.
على حرم الكلية اليوم لا يوجد نصب تذكاري أو لوحة تخلد ذكرى كاثلين ألاكسندرسون. بالمقابل، توجد لوحة لِجندي بريطاني قُتل في أحداث عام 1916 على السور المواجه لملعب الكريكيت، في مواجهة مكان الحادث الذي أُطلقت منه الرصاص.
خلاصة
قصة كاثلين تُذكّر بآثار العنف السياسي على حياة الأفراد العاديين وتُظهر كيف يمكن أن تغيب حالات مأساوية عن الذاكرة العامة رغم وجودها في الوثائق الرسمية. ملفها في الأرشيف يكشف تداعيات تلك الفترة على الجامعات والعائلات ويمثل تذكرة بصمتٍ تاريخي يتطلب إعادة قراءة.