أين تذهب ضرائبنا؟ توزيع الإنفاق العام وتوقعات المستقبل
تُعدّ إدارة الإنفاق العام من أهم مهام أي حكومة. في الوقت الراهن، تتركز أكثر من نصف عائدات الضرائب في ثلاث مجالات رئيسية: الحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم. مع ذلك، تظهر ضغوط هيكلية ستعيد تشكيل أولويات الإنفاق في العقود المقبلة.
الإنفاق الحالي حسب القطاعات الكبرى
التوزيع التقريبي لنفقات الدولة يوضح التركيز في ثلاث فئات أساسية:
- الحماية الاجتماعية: تُشكّل حوالى 22% من الإنفاق وتستفيد منها نحو 1.6 مليون مستفيد، بما في ذلك المعاشات والبدلات المرتبطة بالمرض والعجز والبطالة ورعاية المسنين.
- الصحة: تمثّل حوالى 21% من الموازنة، وتُنفق الغالبية العظمى على النفقات الجارية مثل الأجور، بينما يمثل الإنفاق الرأسمالي جزءاً ضئيلاً (حوالي 6%).
- التعليم: يستهلك نحو 10% من الموارد.
تأتي بعد ذلك بنود أخرى مهمة، منها الإسكان الذي يعتبر أولوية للحكومة ويستحوذ على نحو 6.7% من الإنفاق أو حوالى €8 مليار، ارتفاعاً من €5.3 مليار عام 2020. ميزانيات بعض الإدارات الأخرى تقريبية كما يلي: وزارة الأطفال €8.2 مليار، التعليم العالي €4.6 مليار، النقل والعدل كلّ منهما نحو €3.9 مليار، بينما تظل بقية الإدارات بميزانيات تقارب €2 مليار أو أقل.
قوى تؤثر على الإنفاق المستقبلي
هناك تغيّرات هيكلية ستزيد الضغط على موازنات الدولة:
- الديموغرافيا: ارتفاع عدد السكان وتغير هيكل الأعمار سيؤثران بشكل كبير على نفقات المعاشات والرعاية الصحية والتعليم. يبلغ عدد السكان نحو 5.4 مليون حالياً، وهناك سيناريوهات نمو قد تقترب من 7.6 مليون بحلول منتصف القرن. نسبة الاعتماد من كبار السن (أصحاب 65 عاماً فأكثر) قد ترتفع من حوالى 23% إلى نحو 55% بحلول 2065.
- التحوّل المناخي: هناك خطر دفع غرامات كبيرة في حال فشل الدولة في تحقيق أهداف تقليل الانبعاثات، حيث تتراوح التقديرات التقريبية لتكلفة ذلك بين €8 مليار و€26 مليار، ما سيشكل ضغطاً مالياً إضافياً.
- الرقمنة والانعزال التجاري: تغيّرات في سلاسل الإمداد وضرورة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية ستستلزم نفقات مستمرة.
- الدفاع: تصاعد التهديدات السيبرانية وزيادة نشاط السفن في المنطقة البحرية دفع إلى رفع الحاجة لإنفاق أكبر على القدرات المراقبية والدفاعية.
قضية الإنفاق على الدفاع
ميزانية الدفاع الحالية تعد صغيرة نسبياً، وتبلغ حوالى €1.3 مليار سنوياً. كنسبة من الناتج المحلي بلغت نفقات العسكر نحو 0.3% عام 2020، مقارنة بدول أوروبية أخرى تتجاوز فيها النسبة الواحد بالمئة أو أكثر. الحكومة وافقت على زيادة تدريجية للإنفاق الدفاعي إلى نحو €2 مليار بحلول 2028، لكن هناك من يرى أن الحاجات الفعلية أعلى بكثير وقد تصل إلى نحو €4 مليار سنوياً لتأمين منظومة مراقبة عسكرية متقدمة والتعامل مع مخاطر مستقبلية.
"إما أن ننفق على وسائل ردع معقولة أو سننفق لاحقاً على تكاليف التعامل مع الأضرار".
دين الدولة وتكاليف الفائدة
هناك بند مهم آخر خارج مصاريف الإدارات: خدمة الدين العام. يبلغ إجمالي الدين نحو €229 مليار، وبلغت فاتورة الفوائد السنوية أكثر من €3 مليار في العام الأخير؛ هذا المبلغ يعادل تكلفة مشاريع كبيرة للبنية التحتية. كما أن كلفة خدمة الدين معرضة للارتفاع مع تحرك أسعار الفائدة من مستويات قريبة من الصفر إلى معدلات أعلى يطالب بها السوق.
ماذا يعني ذلك للموازنات المستقبلية؟
التحديات المتعددة تشير إلى أن أولويات الإنفاق قد تتغير بشكل ملحوظ خلال العقود القادمة: تكثيف الإنفاق على المعاشات والصحة والتعليم لمواجهة الشيخوخة، زيادة الاستثمارات في الإسكان والبنية التحتية، تخصيص مبالغ أكبر للدفاع والأمن السيبراني، وضخّ موارد لمعالجة التقصير في خفض الانبعاثات لتفادي غرامات محتملة. كل هذا يتطلب موازنة دقيقة بين الموارد المتاحة والالتزامات المتزايدة.
خلاصة
اليوم يذهب جزء كبير من أموال الضرائب إلى الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم، لكن دفقات جديدة من الإنفاق ستفرض نفسها مستقبلاً بفعل الشيخوخة، المناخ، والدفاع وخدمة الدين. مواجهة هذه التحديات تتطلب تخطيطاً طويل الأمد وتوزيعاً مروناً للموارد.