logo منصة عرب ايرلندا

لماذا تصر الشركات الكبرى على العودة الكاملة للمكاتب

لماذا تصر الشركات الكبرى على العودة الكاملة للمكاتب

في الأشهر الأخيرة شهدنا إعلانات متكررة تطالب الموظفين بالعودة للعمل داخل مقار الشركات. يبرر قادة الشركات هذه الخطوات بحاجتهم إلى الابتكار والتعاون وجهًا لوجه، لكن الأدلة على أن الحضور الدائم يحسّن النتائج الفعلية ضعيفة أو متناقضة. من جهة أخرى، تُظهر بيانات وملاحظات عملية أن العمل عن بُعد يعزّز رضا الموظفين ويزيد احتمال بقائهم في العمل، وفي كثير من الحالات يرفع الإنتاجية.

ماذا تقول الحجج التقليدية؟

الحجة الشائعة هي أن التفاعل المباشر يسهم في تبادل الأفكار وتشكيل فرق مبتكرة. صحيح أن اللقاءات وجهًا لوجه تسهّل بعض أشكال التعاون عبر الوظائف، لكن العلاقة بين التواجد الفيزيائي ونتائج ابتكارية قابلة للقياس ليست قوية. كما أن الفرضية التي تقول إن الحضور المستمر يترجم بالضرورة إلى أداء أفضل تتجاهل فوائد المرونة والرضا الوظيفي التي يقدمها العمل عن بُعد.

لماذا تعتمد الشركات الكبرى سياسات العودة؟

  • ممارسة السلطة والتحكّم: كثير من قرارات العودة تبدو وكأنها تعبير عن رغبة الإدارة في استعادة التحكم بالبيئة الوظيفية وليس استجابة لقياس موضوعي للعائدات الإنتاجية.
  • المسافة الإدارية عن الموظفين: في المؤسسات الكبيرة يصعد القادة تدريجيًا عبر هياكل إدارية تجعلهم أقل اطلاعًا على تفاصيل حياة العمل اليومية للموظفين، مما يدفعهم إلى فرض نمط العمل الذي اعتادوا عليه.
  • العادة وثقافة المكتب: بعض المديرين يشعرون بالارتياح في بيئات مكتبية تقليدية، ويعتادون على آليات إدارة تعتمد على الحضور والمشاهدة المباشرة، بما في ذلك ديناميكيات اجتماعية مثل الاجتماعات وسياسة المكاتب.

الآثار المتوقعة على الموظفين والمنظمات

تتوقع كثير من الدراسات العملية أن إجبار الموظفين على الحضور الكامل قد يجعل حياتهم العملية أكثر كآبة وأقل إنتاجية على المدى الطويل، لا سيما إذا تضاءلت مرونة العمل وازداد الاحتكاك بالسياسات الداخلية غير الفعّالة. بالمقابل، العمل عن بُعد يرتبط عادةً بزيادة الرضا وخفض معدل الاستقالة لدى العاملين.

هل يؤثر ذلك على الجميع؟

من المهم ملاحظة أن سياسات العودة للمكتب تهيمن عليها الشركات الكبيرة. أما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فهي تشكّل غالبية سوق العمل في كثير من البلدان، وتبقي إلى حدّ كبير على ممارسات عمل أكثر مرونة. على سبيل المثال، أكثر من 99% من الشركات في بعض الأسواق مصنفة كمؤسسات صغيرة ومتوسطة، ويعمل فيها أكثر من ثلثي القوى العاملة؛ وهذا يجعل اتجاهات عودة المكاتب المتشددة أقل تأثيرًا على الأغلبية من الموظفين.

الأوامر بالعودة إلى المكتب غالبًا ما تعبر عن رغبة الإدارة في استعادة السيطرة أكثر من كونها استجابة لضرورة إنتاجية ملموسة.

خلاصة

قرارات إجبار الموظفين على الحضور الكامل تعكس مزيجًا من دوافع إدارية وثقافية أكثر منها بيانات موضوعية عن تحسين الأداء أو الابتكار. ونظرًا لأن هذه السياسات أكثر شيوعًا لدى الشركات الكبرى، فإن الأثر العام على معظم العاملين، ولا سيما في بيئات الشركات الصغيرة والمتوسطة، يبقى محدودًا.

اضغط على ESC للإغلاق

حاح